قبل خمس أيام من اليوم اشتعلت الثورات الاجتماعية، في تونس ومصر واليمن، خرجت الجماهير الكادحة بالملايين، إلى الشوارع، تحتج على الأنظمة الدكتاتورية العميلة للامبريالية الأمريكية و الغربية، التي سامت الشعوب سوء العذاب، و افقرتها و جوعتها و اغرقتها بالبؤس والإملاق، أستئثرت الطبقات الحاكمة بالثروات والامتيازات.. 1% تركزت بأيديهم الثروة و خيرات كل الشعب و 99% طبقات بروليتارية جائعة.
كانت الثورات في القلب منها اجتماعية، أي أن الجماهير التي خرجت إلى الشارع بالملايين، و أسقطت الأنظمة، خرجت نتيجة لبؤس أوضاعها المعيشية، بطالة .. فقر .. مجاعات .. حرمانات جماعية.
و كانت تلك الجماهير تحلم بتحسين أوضاعها المعيشية، تطبيب مجاني، تعليم مجاني، و ان تبني الثورات دولة اشتراكية، تنتمي للشعوب الكادحة، بعد أن تحولت إلى دولة برجوازية، و تحولت الدولة إلى هيئة خاصة لإدارة شئون الأغنياء، و توفير الامتيازات و الثروات للرأسمالية البيروقراطية، حلمت الجماهير البروليتارية المسحوقة بدولة تنحاز لهم و توفر لهم الخدمات الأساسية بأسعار رمزية، و لكن تلك الثورات افتقرت لقيادة ثورية مسلحة بالوعي الثورية، و افتقرت لحزب الثورة اليساري الذي يقود الثورة، و يمتلك مشروع سياسي ثوري وطني تقدمي، يحقق أهداف الثورة الاجتماعية، و يمضي بالجماهير وبالثورة إلى نهاية النضال عبر الاستيلاء علي سلطة الدولة، من قبل قيادة الثورة و حزب الثورة، و تحقيق تحولات اجتماعية عميقة، و قمع الطبقات الحاكمة و حظر أحزابها و منعها من العمل السياسي، مما سهل للامبريالية الأمريكية و الرجعية السعودية و أخواتها إمارات النفط، تمويل الجماعات الدينية الرجعية الأصولية المتخلفة لقيادة الثورات المضادة، و سرقت الثورات و تحويلها إلى ثورات برجوازية سياسية بمصر و تونس، انتخابات و برلمانات للثرثرة، يذهب الفقير يوم بالسنة لينتخب الأغنياء و المستغلين.
تحولت الثورات إلى عنف و فوضى و صراع ديني طائفي مذهبي، في اليمن و ليبيا و سوريا، و عملت البرجوازية و إعلامها الامبريالي، لتزييف وعي الجماهير، بحيث تكره الثورات و تنفر منها وتعافها، و بحيث لم تعد تدرك حقيقة الصراع بأنه صراع سياسي طبقي، و ليس صراع ديني مذهبي طائفي، بين أقلية مستغلة فاسدة، و أكثرية مستغلة بفتح الغين.
أغرقت الامبريالية الأمريكية و الرجعيات العربية النفطية، البلدان التي ثارات بجماعات الإرهاب و العنف المتوحش (داعش والقاعدة) ليسهل لها تقسيم و تمزيق تلك الدول إلى دويلات صغيرة على أسس مذهبية و طائفية، ليسهل نهب ثرواتها و خيراتها.
و بما أن الثورات اجتماعية بروليتارية، و جذورها عميقة، الثورة جبارة عنيفة، ها هي تونس اليوم تثور مجددا، بعد أن سرقت البرجوازية ثورتها، و ستثور غدا مصر و اليمن، لأن وضع الطبقات الثورية وهي أغلبية الشعب، زادت بؤس و فقر و حرمان و فاقة.
الجماهير التي خرجت و ستخرج غدا الشوارع لم تثور ترف وبذخ، أو أن خلفها مؤامرات أمريكية و صهيونية كما يحلو لقوى الثورة المضادة ترويج هذه المقولة، تلك الطبقات هي صاحبة المصلحة بالثورة، و لم يعد لديها ما تخسره سوى القيود التي تكبلها.
ستنجح الثورات الاجتماعية بالعالم العربي، اذا استفادت من الأخطاء التي بسببها فشلت الثورات، و هي قائد ثورة و حزب ثورة و منهج و برنامج ثورة.
لا توجد ثورة ناجحة من دون قائد عظيم، كـ”لينين” قائد الثورة البلشيفية، و “ماو تسي تونغ” قائد الثورة الصينية، و “كاسترو” قائد الثورة الكوبية، و “جمال عبد الناصر” قائد الثورة الاجتماعية المصرية، و “خميني” قائد الثورة الإيرانية.
ثورة بدون قائد و بدون مشروع و بدون حزب، نهايتها الفشل و الفوضوية و التشرذم و الإحباط والتمزق.